مقدمة
2. تراث فني إسلامي فريد
كشفت الحفريات عن أجزاء نادرة من الجبس المنحوت تعود للعهد المدراري (القرن الثامن–العاشر)، مزينة بزخارف هندسية ونباتية وخطية، وتُعد أقدم الزخارف الإسلامية المادية المعروفة في المغرب.
كما عُثر في المدرسة المجاورة على قطع خشبية مطلي ة ومذهّبة من القرن الثامن عشر الميلادي، مصنوعة من خشب الأرز الملوّن، تعبّر عن الزخرفة المعمارية في العصر العلوي.
وهي أول عناصر مادية من هذا الطراز تُكتشف في سجلماسة.

3. ورشة سك النقود الذهبية: مركز اقتصادي في العالم الإسلامي
من أبرز الاكتشافات أيضًا قالب خزفي على شكل خلية نحل، كان يُستخدم لصناعة قوالب النقود الذهبية.
لا تزال آثار الذهب عليه، ما يؤكد استعماله في سك الدنانير السجلماسية الشهيرة.
إنها أول دليل مادي على ورشة لسك النقود الذهبية في المغرب، وثاني دليل في إفريقيا بعد مدينة تادمكّة في مالي، مما يجعل سجلماسة مركزًا اقتصاديًا مهمًا في العالم الإسلامي الوسيط.
4. حي سكني علوي فريد من نوعه
كشفت التنقيبات عن حي سكني متكامل من العهد العلوي (القرنان 17–18)، يضم 12 منزلًا منظّمة حول أفنية داخلية.
عُثر فيه على أدوات منزلية، وأوانٍ، وبقايا تمر وحبوب، مما يقدم صورة دقيقة عن الحياة اليومية في المناطق ما قبل الصحراوية.
ويُعد هذا أول دليل مادي على وجود الشرفاء العلويين في سجلماسة، ما يعكس تخطيطًا عمرانيًا منظمًا واستقرارًا طويل الأمد في المدينة خلال العصر الحديث.
5. قبل سجلماسة: أقدم المساجد في المغرب
قبل هذا الاكتشاف، كانت المساجد التاريخية المعروفة هي:
-
مسجد القرويين (فاس): تأسس سنة 859م، ويُعتبر أقدم مسجد ما زال نشطًا في العالم.
-
الجامع الكبير بسلا: بُني بين عامي 1028 و1029م.
-
مسجد ابن يوسف (مراكش): شُيّد في القرن الحادي عشر.
لكن مسجد سجلماسة، المؤسس في القرن الثامن، يسبق كل هذه المساجد، ويقدّم مرجعًا أثريًا جديدًا عن بدايات الإسلام في المغرب.
6. مسجد طارق بن زياد: أول منارة للإسلام في المغرب
قبل أن تزدهر سجلماسة كعاصمة للتجارة والعلم، تذكر المصادر الإسلامية مسجد طارق بن زياد كأحد أقدم المساجد في شمال المغرب.
يُعتقد أن المسجد بُني في منطقة سبتة أو طنجة في مطلع القرن الثامن الميلادي (حوالي سنة 710م)، خلال فترة الفتح الإسلامي للمغرب بقيادة طارق بن زياد.
ورغم أن الآثار المادية للمسجد لم تُكتشف بعد، إلا أن قيمته الرمزية كبيرة، فهو يمثل بداية دخول الإسلام إلى المغرب، ومكان اجتماع للمجاهدين قبل العبور إلى الأندلس.
يُعتبر مسجد طارق بن زياد رمزًا للتأسيس الروحي والسياسي للإسلام في المغرب، بينما تبقى سجلماسة الدليل الأثري الأقدم على ترسّخ هذا الوجود في الجنوب.
7. ما تكشفه سجلماسة عن تاريخ المساجد المغربية
يُجسّد مسجد سجلماسة تعدد وظائف المسجد في المجتمع الإسلامي:
فهو مكان للعبادة، والعلم، والتنظيم الاجتماعي، والتبادل الاقتصادي.
ويبرهن على أن هذه الأدوار المتعددة لم تبدأ مع الدول الكبرى، بل مع المراحل الأولى لأسلمة المغرب.
لقد كانت المساجد دائمًا محاور أساسية في بناء المدن والمجتمعات، وسجلماسة دليل حيّ على ذلك منذ أكثر من 12 قرنًا.
بين الإرث والمسؤولية
إن إعادة اكتشاف مسجد سجلماسة، الذي تأسس في القرن الثامن الميلادي، ليست مجرد إنجاز أثري؛
بل تذكير قوي بأن المساجد كانت دائمًا القلب النابض للمدن المغربية — أماكن للعبادة، والعلم، والتآزر، واتخاذ القرار، والتقدم.
ما تكشفه سجلماسة هو أن كل مسجد يحمل قصةً فريدة؛
رسالةً روحيةً، واجتماعيةً، وتعليميةً، واقتصاديةً، متجذّرةً في حياة المجتمع المغربي.
واليوم، يستمر هذا الدور العظيم.
وأنتم — الأئمة، والمسؤولون، والقائمون على شؤون المساجد — أنتم ورثة هذا الإرث النبيل.
ومن خلال أدواتها الرقمية، تسعى Masjidbox إلى هدف واحد:
أن تساعدكم على إحياء هذا التواصل المستمر بين المسجد ومجتمعه،
وأن تواكبوا العصر دون أن تفقد المساجد روحها الأصيلة.
وكما كانت سجلماسة قبل 1200 عام منارةً للوحدة والهداية والإشعاع،
يمكن لمساجدنا اليوم أن تواصل هذا النور، توحّد، وتوجّه، وتلهم الأجيال الجديدة.
🔗 هل ترغب في تعزيز حضور مسجدك مع الحفاظ على أصالته الروحية والتاريخية؟
Masjidbox ترافقك بحلول رقمية حديثة لربط المسجد بمجتمعه وتطويره بما يواكب العصر ويحافظ على رسالته.